مظلومية منتظر ماجد.. بين المحسوبيات وغموض اختيارات الجهاز الفني العراقي

أثار غياب اللاعب العراقي المحترف منتظر ماجد عن صفوف المنتخب الوطني في مواجهتي الامارات والعراقي في الملحق العالمي مؤخرًا حالة من الجدل في الشارع الرياضي، خصوصًا بعد إعلان السبب بأنه “وعكة صحية”. هذا التبرير، ورغم احتمالية صحته، إلا أنه فتح الباب أمام كثير من الأسئلة، لأن الأمر يتكرر مع اللاعب كلما تم استدعاؤه أو كلما ظهرت بوادر لوجوده مع المنتخب.
منتظر ماجد لاعب يقدم مستويات عالية في أوروبا، يقطع آلاف الكيلومترات في كل دعوة للمنتخب، يأتي بحماس، بروح، وبإصرار لتمثيل بلده. لكن النهاية غالبًا تكون في المدرجات أو على دكة الاحتياط دون مبرر فني واضح. هذا المشهد تكرر أكثر من مرة، ما جعل الكثيرين يشعرون بأن اللاعب يُعامل ببرود، وكأنه “عنصر زائد” بالرغم من قدراته الفنية العالية وقيمته السوقية المتصاعدة.
هنا يبرز السؤال: لماذا لا يحصل اللاعبين المحترفين الشباب على فرص عادلة؟
في السنوات الأخيرة، باتت الاختيارات داخل المنتخب، خصوصًا تحت قيادة غراهام آرنولد، محاطة بشبهات “قرب اللاعب من الدائرة”، وليس منطق الأداء داخل الملعب. آرنولد يعتمد بشكل واضح على مجموعة ثابتة من اللاعبين المحليين الذين يظهر أنهم يحظون بثقته الكاملة مهما تذبذب مستواهم، في حين يتم تدوير، تهميش، أو تجميد عدة أسماء محترفة تلعب في دوريات قوية خارج العراق.
منتظر ماجد تحديدًا كان ضحية هذا النهج. لاعب يمتلك مهارة، سرعة، مرونة تكتيكية، ويستطيع اللعب في أكثر من مركز هجومي. ومع ذلك، حين يحضر، لا تُعطى له دقائق كافية ليُثبت نفسه. بل قد نجد لاعبين آخرين يشاركون مباراة كاملة رغم تراجعهم الواضح.
النتيجة؟
اللاعب يعود إلى ناديه محبطًا. والجمهور يشعر أن المنتخب لا يُدار على أساس معيار “الأفضل”، بل على أساس “الأقرب”.
الأغرب أن غياب منتظر هذه المرة جاء في وقت كان الجمهور يترقّب مشاركته، خصوصًا مع الحاجة للاعب يمتاز بحلول هجومية غير تقليدية. لكن إعلان “وعكة صحية” أعاد المشهد المعتاد: غياب مع تبرير غير مقنع.
المشكلة ليست فقط في حالة منتظر ماجد. هذه الحالة نموذج واضح لـ:
-
تفضيل أسماء معينة مهما كان مستواها.
-
تجاهل لاعبين شباب محترفين يمتلكون تجربة خارجية أرقى.
-
غياب مشروع واضح في عملية بناء المنتخب.
المنتخب الوطني لا يمكن أن يتطور إذا بقي محصورًا في دائرة ضيقة من العلاقات والتأثيرات. كرة القدم الحديثة قائمة على الاستحقاق فقط. من يلعب أكثر؟ من يتدرب بجد؟ من يقدم أداءً أفضل؟ هذا هو المعيار الطبيعي.
اليوم، قصة منتظر ماجد ليست مجرد “غياب لاعب”.
إنها جرس إنذار.
إذا استمر هذا النهج، فسيفقد المنتخب طاقات كبيرة، وسيستمر نزيف المواهب إلى الخارج دون أي استثمار حقيقي فيها. لأن اللاعب المحترف الذي يعامل بهذه الطريقة، غالبًا لن يعود.
ما يحتاجه المنتخب العراقي اليوم هو عدالة فنية حقيقية. ليس المطلوب أن يلعب منتظر ماجد أساسيًا فورًا، بل المطلوب أن يأخذ فرصته الكاملة. دقيقة بدقيقة. مباراة بمباراة. مثل غيره.
فالعدالة ليست هدية، بل حق. والمنتخب ملك الشعب وليس ملك أسماء محددة.
إذا كان منتظر ماجد “مريضًا”، نتمنى له الشفاء.
وإذا كان “محبطًا”، فهنا المشكلة. لأن الإحباط أخطر من المرض.
والجمهور يرى. ويحفظ. ولا ينسى.




