الكرة الاوروبية

منتخب بلجيكا لكرة القدم : من الجيل الذهبي إلى البحث عن هوية جديدة

يُعدّ منتخب بلجيكا لكرة القدم واحدًا من أبرز المنتخبات الأوروبية في العقد الأخير، بعدما تحوّل من فريق متواضع تاريخيًا إلى قوة كروية عالمية تنافس على الألقاب الكبرى. هذا التحول لم يأتِ صدفة، بل كان ثمرة عمل طويل واستثمار عميق في تطوير المواهب والبنية التحتية لكرة القدم البلجيكية. اليوم، يواجه منتخب بلجيكا لكرة القدم تحديات جديدة في البحث عن هوية جديدة بعد نهاية الجيل الذهبي، مما يجعله في رحلة من “منتخب بلجيكا لكرة القدم: من الجيل الذهبي إلى البحث عن هوية جديدة”.

🏟️ النشأة والبدايات التاريخية

تأسس الاتحاد البلجيكي لكرة القدم سنة 1895، وكان من أوائل الاتحادات في أوروبا. وشارك المنتخب البلجيكي في أول بطولة كأس عالم سنة 1930، لكنه لم يحقق نتائج كبيرة في تلك الفترة. في المقابل، لمع نجمه في الخمسينيات والستينيات على المستوى الأوروبي، إلا أن الفريق ظل يفتقر إلى الاستمرارية.

أولى اللحظات الذهبية للمنتخب كانت في كأس أوروبا 1980 حين وصل إلى النهائي وخسر بصعوبة أمام ألمانيا الغربية 2-1، بقيادة النجم الشهير يان كولمانز. بعدها، خطف الأنظار في مونديال المكسيك 1986 بوصوله إلى نصف النهائي، قبل أن يودّع البطولة أمام الأرجنتين بقيادة دييغو مارادونا.

⚽ التحول الحقيقي: مشروع الاتحاد البلجيكي في القرن 21

في بداية الألفية الجديدة، كانت كرة القدم البلجيكية تمرّ بمرحلة تراجع واضحة، فشل المنتخب في التأهل لعدة بطولات كبرى، وأدرك الاتحاد أن الحل لا يكمن في استقدام مدربين أجانب فقط، بل في إعادة بناء النظام من الجذور.

عام 2002 أطلق الاتحاد البلجيكي مشروع تطوير شامل تحت إشراف المدرب التقني “ميشيل سابلون”، الذي صاغ خطة تعتمد على توحيد أسلوب اللعب في جميع الفئات العمرية، والتركيز على الجانب الذهني والتقني أكثر من البدني.

هذه الخطة أثمرت خلال عقد واحد عن جيل استثنائي من اللاعبين مثل:

هؤلاء النجوم شكّلوا ما يُعرف اليوم بـ”الجيل الذهبي” لكرة القدم البلجيكية.

🥇 إنجازات الجيل الذهبي

بلغ المنتخب البلجيكي ذروته خلال مونديال روسيا 2018، عندما حقق أفضل إنجاز في تاريخه باحتلاله المركز الثالث بعد فوزه على إنجلترا. كما تصدّر تصنيف الفيفا العالمي لأكثر من ثلاث سنوات متتالية (2018–2021)، متفوقًا على منتخبات عملاقة كفرنسا والبرازيل.

رغم هذه الإنجازات، واجه الفريق انتقادات عديدة بسبب فشله في التتويج بأي لقب كبير، خصوصًا أن هذا الجيل امتلك أسماء تُعد من الأفضل في العالم. فالإقصاء من كأس الأمم الأوروبية 2016 أمام ويلز، ثم من يورو 2020 أمام إيطاليا، مثّل خيبة أمل للجماهير البلجيكية التي كانت تؤمن أن الوقت قد حان للتتويج.

🔄 مرحلة ما بعد الجيل الذهبي

بعد مونديال قطر 2022، أعلن القائد إدين هازارد اعتزاله الدولي، فيما غادر المدرب الإسباني روبرتو مارتينيز بعد سنوات طويلة من العمل. استلم المهمة بعدها المدرب دومينيكو تيديسكو، الذي يسعى لبناء فريق جديد بمزيج من الخبرة والشباب.

برز في الجيل الحالي لاعبين مثل:

  • جيريمي دوكو (مانشستر سيتي)

  • شارل دي كيتيلير (أتلانتا)

  • أمادو أونانا (إستون فيلا)

  • لويس أوبيندا (لايبزيغ)

وتتمحور رؤية تيديسكو حول خلق منتخب أكثر توازنًا، يعتمد على اللعب العمودي السريع، والضغط العالي، مع الحفاظ على المرونة التكتيكية التي اشتهرت بها بلجيكا في السنوات الماضية.

🧠 أسلوب اللعب والتحليل الفني

يمتاز المنتخب البلجيكي تاريخيًا بالقدرات الفنية العالية للاعبيه، خصوصًا في خط الوسط والهجوم. أسلوب اللعب البلجيكي يعتمد غالبًا على:

  • بناء الهجمة من الخلف بوجود مدافعين يجيدون التمرير القصير.

  • سرعة الانتقال من الدفاع للهجوم عبر دي بروين ودوكو.

  • استغلال القوة البدنية للوكاكو داخل منطقة الجزاء.

أما في الجانب الدفاعي، فتعتمد بلجيكا على خط دفاع مكوّن من عناصر شابة مثل فيرتونخن، مع تطعيمه بلاعبين سريعين لتغطية المساحات خلف الأظهرة.

🔥 طموحات المستقبل

يهدف المنتخب البلجيكي الآن إلى تأهيل جيل جديد قادر على المنافسة في يورو 2028 وكأس العالم 2030. الاتحاد البلجيكي يواصل الاستثمار في الأكاديميات المحلية مثل أندرلخت وكلوب بروج، إلى جانب تطوير برامج لاكتشاف المواهب من أبناء الجاليات الأفريقية التي تمثّل مصدرًا مهمًا للاعبين الموهوبين.

ورغم انتهاء حقبة الجيل الذهبي، إلا أن هوية المنتخب البلجيكي لم تتغير: كرة هجومية، لاعبين موهوبين، وعقلية تنافسية. المستقبل قد يحمل نسخة أكثر نضجًا وتوازنًا من “الشياطين الحمر”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى