الابتعاد عن الرهانات الرياضية: حماية للمستقبل واستعادة متعة اللعبة
في السنوات الأخيرة ازدادت موجة الإقبال على الرهانات الرياضية بشكل لافت. خصوصًا بين الشباب الذين يجدون في المنافسات الكروية وسيلة للمتعة والإثارة. لكن ما يبدو في الظاهر هواية بسيطة أو محاولة لتحقيق ربح سريع، كثيرًا ما يتحول إلى فخ خطير يهدد الاستقرار المالي والنفسي. كما يدفع البعض إلى دوامة يصعب الخروج منها. ولهذا أصبحت الدعوات إلى الابتعاد عن المراهنات أكثر إلحاحًا. سواء من المؤسسات الرياضية أو المختصين في علم السلوك. أو حتى من لاعبين سابقين خسروا الكثير في هذا الطريق.
تكمن خطورة الرهانات الرياضية في أنها تقوم على الإيهام بفرصة ربح سهل. لكن الواقع يؤكد أن الشركات المبنية على المقامرة تستند إلى أنظمة حسابية تضمن أرباحها هي أولًا. مهما بدا للمستخدم أنه يمتلك “حدسًا” أو “خبرة كروية”. ومع مرور الوقت، يدخل الشخص في دائرة نفسية تعتمد على “تعويض الخسارة”. فيبدأ بالمراهنة أكثر مما يستطيع تحمّله. لأنه محاولًا استرجاع ما فقده، لينتهي غالبًا بخسارة مضاعفة. هذه المرحلة تمثّل بداية الانزلاق إلى الإدمان السلوكي. وهو يشبه إلى حد كبير إدمان القمار التقليدي. كما أن الرهانات الرياضية تزيد من تعقيد الوضع.
ولا يتوقف الضرر عند الحدود المالية. فالمراهنة المستمرة تسبّب توترًا وضغطًا نفسيًا. حيث تحوّل مشاهدة المباريات من متعة إلى حالة مرهقة. فيصبح فيها كل خطأ تحكيمي أو فرصة ضائعة تهديدًا مباشرًا لجيب المراهن. بعض الشباب يعترف بأنهم لم يعودوا يستمتعون بمتابعة فرقهم المفضلة بسبب الرهان. إذ يحوّل الرياضة إلى مصدر قلق دائم. إلى جانب ذلك، تؤدي الخسائر المتكررة إلى مشاكل اجتماعية. وهي تبدأ بتوتر داخل الأسرة، وتنتهي بديون أو خلافات أو عزلة اجتماعية. كل هذا نتيجة للرهانات الرياضية المستمرة.
اللافت أن العديد من اتحادات كرة القدم حول العالم باتت تفرض قيودًا صارمة على شركات المراهنات. ذلك بعد تزايد حالات التلاعب بالنتائج أو استغلال اللاعبين في بطولات صغيرة أو غير مراقبة. كما حذّرت منظمات دولية من التأثير المدمر للمقامرة الإلكترونية. فهي أصبحت متاحة بضغطة زر عبر الهاتف. هذا الانتشار السهل والسريع يجعل الفئات الأصغر سنًا أكثر عرضة للمخاطر. خاصة الرهانات الرياضية عبر الإنترنت.
عندما يُنصح الشباب بالابتعاد عن الرهانات، فليس الهدف “الوعظ”. بل حماية مستقبلهم المالي والنفسي. فالإثارة الحقيقية في الرياضة ليست في ماذا سنربح أو نخسر، بل في التنافس، والفرح الجماعي، والانتماء للفرق والمنتخبات. الأهم أن الرهان لا يضمن ربحًا. ولكن يضمن شيئًا واحدًا دائمًا: أنّ الخاسر الأكبر في النهاية هو المراهن نفسه. خاصة في مجال الرهانات الرياضية.
ولذلك، يبقى الخيار الأكثر حكمة هو الاستمتاع بالرياضة كما هي… لعبة جميلة، لا حساب رهان، ودون الحاجة للانخراط في رهانات رياضية محفوفة بالمخاطر.




